
لماذا يبقى الإنسان في العلاقات السامة؟
عندما يعيش الإنسان في علاقة سامة، قد يبدو للآخرين أن الحل بسيط: "فقط غادر!". لكن الواقع مختلف تمامًا، فهذه العلاقات تُحكم السيطرة على الضحية بأبعادها النفسية والعاطفية والاجتماعية. لنتعمق في الأسباب التي تجعل الكثيرين يبقون في هذه العلاقات رغم الألم.
1. عندما يبدو السلوك السام طبيعيًا
البيئة الاجتماعية والمجتمع المحيط يلعبان دورًا كبيرًا في تشكيل تصور الإنسان للعلاقات. في كثير من الأحيان، يتم تطبيع السلوك السام أو المسيء. عندما يشكو الشخص من الإساءة العاطفية أو السلوكية، قد يُقال له:"هذا طبيعي، لا توجد علاقة مثالية!"هذه الردود تجعل الشخص يشك في واقعه، ويبدأ في تبرير الإساءة بأنه قد يكون يبالغ أو أنه من الطبيعي أن تكون العلاقة مليئة بالصعوبات.
الأشخاص الذين نشأوا في بيئات عائلية مضطربة قد يرون السلوكيات السامة كجزء طبيعي من الحياة لأنهم اعتادوا عليها منذ الطفولة، مما يجعلهم أقل قدرة على التعرف على العلاقة السامة والتمييز بينها وبين العلاقة الصحية.
2. سحق تقدير الذات
الإساءة المستمرة، سواء كانت لفظية، عاطفية، أو حتى صامتة، تعمل ببطء على تقويض احترام الضحية لنفسها.
عبارات مثل: "أنت غير كافٍ!" أو "لن يحبك أحد غيري!" تجعل الشخص يشعر بأنه لا يستحق الحب أو التقدير.
النقد المستمر يجعل الشخص يشعر بالعجز والخوف من البدء من جديد.
تتحول الضحية إلى شخص يعتقد أن وجوده يعتمد على العلاقة، حتى لو كانت تدمره، ويبدأ بتصديق أن البديل سيكون أسوأ.
3. دورة الإساءة: شهر العسل بعد الألم
العلاقة السامة لا تكون دائمًا مؤلمة، بل تتخللها لحظات من "السلام المؤقت" أو "شهر العسل".بعد كل تصرف مؤذٍ، يلجأ الطرف السام إلى الاعتذار، التودد، وحتى الإغراق بالهدايا، مما يعيد الأمل إلى الضحية ويجعلها تعتقد أن الأمور قد تتحسن.هذه الدورة تجعل الضحية تشعر بالارتباك:
"هل هو مسيء حقًا؟ أم أنه يمر بظروف صعبة؟"
"ربما سيتغير فعلاً هذه المرة."
لكن الحقيقة أن هذه الوعود بالتغيير لا تستمر، وسرعان ما تعود العلاقة إلى نفس النمط المؤذي.

4. صعوبة إنهاء العلاقة والهروب من السيطرة
المغادرة ليست قرارًا يُتخذ بين ليلة وضحاها، بل تمر الضحية بمحاولات متكررة للهروب.في المتوسط، يحاول الشخص المغادرة 7 مرات قبل أن ينجح.
الطرف المسيء غالبًا ما يستخدم أساليب نفسية مثل التهديد أو التوسل لفرض السيطرة وإبقاء الضحية في العلاقة.
الخوف من الوحدة أو الانتقام يجعل المغادرة تبدو وكأنها معركة تحتاج إلى تخطيط وحذر.
كما أن المراحل الانتقالية (مثل البحث عن منزل جديد أو الاستقلال المادي) قد تبدو مرعبة، مما يدفع الشخص للتراجع والبقاء.
5. الضغط المجتمعي والثقافي
في بعض الثقافات، تُعتبر العلاقة الزوجية أو الارتباط أمرًا مقدسًا يجب الحفاظ عليه مهما كانت الظروف.
"فكري في الأطفال!"
"الطلاق عيب!"
هذه العبارات تُسمع باستمرار، مما يجعل الضحية تشعر أنها ستتحمل وصمة العار إذا غادرت.
في هذه البيئة، يتم تمجيد التضحية والصبر، وكأن بقاء الشخص في العلاقة المؤذية هو نوع من البطولة، بينما يتم تجاهل الألم الذي يعاني منه.
6. الشعور بالمسؤولية تجاه المسيء
يلعب الطرف السام دور الضحية ببراعة، مما يجعل الضحية تشعر بالذنب تجاه محاولاتها لإنهاء العلاقة.
المسيء قد يقول: "أنت السبب في كل ما يحدث بيننا."
أو يبدأ بتأنيب الضحية: "لو كنت تهتم بي أكثر لما وصلت الأمور إلى هذا الحد."
هذه الاستراتيجيات تجعل الشخص يشعر بأنه يتحمل مسؤولية العلاقة بالكامل، ويغرق في دوامة من لوم الذات والشعور بالعجز.
7. الأمل الخادع في التغيير
الأمل هو أحد أقوى الأسباب التي تبقي الشخص في علاقة سامة.
الضحية تعتقد: "ربما لو بذلت جهدًا أكبر، سيتغير!"
تبدأ في تحسين نفسها، ظنًا أن ذلك سيؤدي إلى تغيير سلوك الطرف الآخر.
تعتقد الضحية أيضًا أن الحب والتفاني قد يكونان كافيين لتغيير الطرف السام، لكنها في النهاية تجد أن جهودها تقابل بالمزيد من الإيذاء.

8. وهم العلاقة المثالية
نشأنا جميعًا على قصص الحب المثالية، مما جعلنا نؤمن أن العلاقات هي مفتاح السعادة. وسائل التواصل الاجتماعي تضيف ضغوطًا إضافية من خلال تصوير حياة مثالية لا تعكس الواقع. الضحية تخشى أن يتم الحكم عليها بأنها فشلت، فتفضل البقاء حتى لو كان ذلك على حساب صحتها النفسية.
9. الخوف من كلام الناس
الخوف من النقد أو الشفقة أو اللوم يجعل الضحية تتردد في التحدث أو المغادرة.
"ماذا سيقول الناس؟"
"كيف سأشرح ما حدث؟"
هذا الخوف يُثقل كاهل الضحية ويجعلها تشعر بالخجل وكأن فشل العلاقة هو انعكاس لفشلها الشخصي.
10. التزامات الحياة المشتركة
الأطفال، الممتلكات المشتركة، أو حتى الأصدقاء يجعلون الانفصال يبدو مستحيلاً.
من سيرعى الأطفال؟
كيف أبدأ من جديد بمفردي؟
في كثير من الأحيان، يشعر الشخص أنه "عالق" بسبب هذه الروابط، ويخشى أن يكون البديل أكثر تعقيدًا من البقاء.

هل هناك طريق للخروج؟
نعم، هناك دائمًا طريق.
الاعتراف بوجود المشكلة هو الخطوة الأولى نحو الحل.
طلب الدعم النفسي والمساعدة المتخصصة يمكن أن يغير مجرى الحياة.
التحرر ليس سهلاً، لكنه يستحق كل جهد يُبذل لتحقيقه.
ابدأ رحلة الشفاء معنا
من عيادة نفسي، نحن هنا لنكون سندك.
نوفر برامج علاجية مخصصة لك.
نمنحك الأدوات النفسية لتجاوز العلاقة السامة واستعادة حياتك.
نؤمن أنك تستحق الحب والاحترام والسلام الداخلي.
الحياة الصحية والسعيدة تبدأ بخطوة... خذها معنا.
Comments